الأقنعة الطيبة

قالت شهرزاد
ليست كل الأقنعة شريرة، فبعض الأقنعة طيبة،
نرتديها حبا وليس خبثا، بعض الأقنعة نحتاج لها حذرا وسترا، وليس خذلانا وغدرا ...
**************

الأقنعة الطيبة
هي صديقنا المرافق لوجودنا
الساتر لأحزاننا،
فنحن لا نرتديها فقط كي نخفي آثار السهر
ولا خطوط الزمن، لا بقايا البكاء
ولا حتى بشاعة الحزن
*
نحن نرتديها
كي نبتسم في وجوه تحتاج إلى ابتساماتنا
في وقت نحتاج فيه نحن للبكاء ... وبشدة
*
نرتديها
كي نعاود التسلل إلى عالمهم بوجه آخر
اسم آخر وهوية أخرى
في وقت ندرك فيه مدى حاجتهم إلى وجودنا
بعد أن طعنوا الوجه الأول والإسم الأول والهوية الأولى
*
نرتديها
كي نكون أول من يلبيهم عند الحاجة
واول من يسترهم عند العرى
وأول من يُدَثِرُهم عند البرد
*
نرتديها
كي نكون الأقرب إليهم وقت تخبطهم
والأصدق معهم وقت حيرتهم
والأخلص لهم وقت محنتهم
*
نرتديها
كي ننزع بها خناجر الغدر من ظهور عزيزة علينا
في وقت تتمرجح فيه خناجر خذلانهم
في ظهورنا
*
نرتديها
كي نزرع دروبهم باخضرار الأمان
ونسارع ببياض المواقف لهم
وأعماقنا ترتجف رعبا من سواد مواقفهم
*
نرتديها
كي نُثَبِت صورهم على جدران التاريخ بقوة
في وقت، يهزون هم صورنا على جدران التاريخ بقوة أشد
*
نرتديها
كي نبدو أمامهم بكامل قوتنا... وكامل شموخنا
في وقت ننزف فيه الصحة
وتنزف فيه الروح ببطء
*
نرتديها
كي تحتفظ التفاصيل بعطرها والرسائل بحبرها
والمشاعر بصدقها، والصور بألوانها
والأحلام بقيمتها... والعِشْرَةُ بقدرها
*
نرتديها
كي نستتر من أعين كبريائهم،
ونحن نلقي بقلوبنا أطواق نجاة لهم
وموج الوقت يعلو فوقهم وتحتهم ومن حولهم
*
نرتديها
كي نساهم في سقوط أمكنة أحببناها يوما
وكي لا نسبب اقتلاع شجرة عريقة
أوت عصافير أحلامنا يوما كوطن ... أكثر
*
نرتديها
كي نتقن فنون الصمت حين يمزقنا غيابهم
وحين تمتد غابات الفراق بيننا وبينهم
فلا نناديهم بصوت فاضح مسموع
*
نرتديها
كي نتظاهر بالقوة حين يكون حلمنا أقوى من ظهورنا
وهمنا أكبر من قلوبنا ...
وقاماتنا أضعف من قدرة الوقوف
*
نرتديها، نرتديها ونرتديها

وبعد أن أرعبنا الواقع
احرصوا على اقتناء الأقنعة الطيبة
واحملوا الوجوه المتعددة في جيوبكم
فنحن في زمان يضيع فيه أصحاب الوجه الواحد